كتابة: عمر حاذق
من أيام اتنشر خبر عن إحالة معلم أول دراسات اجتماعية في أسيوط للمحاكمة التأديبية بسبب تحرشه بزميلته لفظيًا وجسديًا وذلك بلمس جسمها بطريقة غير لائقة، ولما مدير المدرسة واجهه بالألفاظ اللي قالها اعترف ووجه لزميلته ألفاظ أكتر، قدام المدير نفسه. النيابة الإدارية تولت التحقيق، لتكتشف في سجله الوظيفي إنه ارتكب وقائع تحرش مماثلة ضد زميلات وطالبات، وإنه تم استبعاده من كذا مدرسة تانية، وأخد جزاءات إدارية للسبب ذاته. الجدير بالذكر إن منصبه هو “معلم أول”.
النيابة الإدارية، بعد علمها بكل الحقايق دي، قررت استبعاده من كافة أعمال التدريس! مفيش إحالة للنيابة العامة، هايتوقف عن التدريس ويشتغل في عمل إداري، ويكأن العمل الإداري ده مفيهوش ستات مثلا؟ مجرم سجله حافل في التحرش، مش طبيعي يتفصل عن العنل؟ مفترض إن لمس جسم زميلة يعتبر جناية هتك عرض يتحاكم عليها! والغريب إنه رغم نشر الخبر في مواقع كتير، محدش من اللي بيعملوا بلاغ عن أي بنت عالتيك توك طلع عمل بلاغ فيه مثلا، ولا كان فيه أي تحرك رسمي.
كمان من شهرين حصلت واقعتين لمدرسين رياضيات، مدرس منهم أخد بنت (في تالتة ابتدائي) في آخر الفصل وحط شنطته عالتخته (مقعد للجلوس) عشان يداري جريمته وزعق في الطلبة وهددهم لو بصوا وراهم، وبردو لمس مناطق في جسمها وأجبرها تلمس جسمه! جريمة هتك عرض مروعة بحق قاصر. والعجيب إن زميل له شهد في التحقيقات إنه راح له الفصل وقتها، واضطر يزق الباب جامد بسبب التختة اللي المجرم كان قافل بيها الباب. لما دخل الشاهد ارتبك وماتحركش من مكانه.. طيب الشاهد عمل إيه؟ ساب الفصل ورجع لحصته! محاولش يحمي البنت! وده بحسب شهادته هو.
حضر والدي المجني عليها وقالوا للمدير إن البنت كانت منهارة وحكت لامها ازاي المجرم اعتدى عليها وهددها بالخطف لو قالت لحد.
من اللقطات المؤلمة جدا في القصة دي، بحسب منشور النيابة الإدارية إن اللي بلغ المدير أسرة زميلة الطفلة لما حكت لهم، فالمدير استدعى الطفلة وبيسألها، وبحسب التحقيق، المدير لاحظ إنها مرعوبة ومرتبكة من وجود المدرس المجرم بره المكتب ومحاولته الدخول.
إزاي طفلة في تالتة ابتدائي هاتتعافى من جريمة زي دي؟ هاتحس بإيه في المدرسة بشكل عام، والكارثة دي حصلت كام مرة؟
رغم ده كله، قررت النيابة إحالته لمحاكمة تأديبية عاجلة مع إيقافه عن العمل، بدون إحالة للنيابة العامة. هل معقولة مش شايفين اللي حصل ده جريمة تستحق محاكمة جنائية مش إدارية؟ حتى كلام النيابة الإدارية على صفحتها:
“وأسفرت التحقيقات وتواتر أقوال عدد من معلمي المدرسة وتلاميذ الفصل الدراسي من زميلات وزملاء التلميذة المجني عليها عن ثبوت صحة الاتهامات المنسوبة للمتهم”. يعني ناقص إيه تاني عشان المجتمع يحس إن هنا فيه جريمة كبيرة وتدمير لحياة طفلة بريئة؟
في أوائل فبراير بردو، حققت النيابة الإدارية في واقعة كارثية ارتكبها كبير معلمي الرياضيات بمدرسة لغات في القاهرة، وبحسب منشور النيابة نفسها، ثبت ارتكاب المعلم لتشكيلة جرايم يصعب تخيلها!
منهم 9 تهم بس قدرت النيابة الإدارية تثبتها عليه، زي هتك عرض طفلة في خامسة ابتدائي واستطالة يده لمناطق حساسة في جسمها أثناء وقوفها مع زميلتها بعد انتهاء حصته، وتعمد إهانتها أمام زملائها في الفصل، وتصويرها بموبايله وتهديدها بنشر صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعديه بالضرب على زميلتها اللي حاولت تحميها من تحرشه المستمر…
وباقي الجرايم التسعة بالرغم إن النيابة الإدارية أثبتتها لكن قرارها كان زي اللي قبله: إيقافه عن العمل وإحالته للمحاكمة التأديبية “العاجلة”!.
ده يخلينا نسأل اسئلة كتير، إزاي ده نظام تعليمي؟ إزاي ممكن بنات في السن ده يتعرضوا لتجارب زي دي والمجرمين دول يتحاكموا إداريا فيتنقلوا لعمل إداري؟ فين الشق الجنائي؟ ليه مجتمعنا مطبّع مع الحالة دي؟ ليه محدش من اللي شافوا الجريمة فكر يعمل بلاغ؟
في حوادث تانية الأهل بلغوا الشرطة والمجرمين اتحاكموا جنائيا واتسجنوا، ولكن في جرايم كتير بتتدفن خوفا من الفضيحة، زي جريمة تانية، حصلت في نوفمبر الماضي، لما طفلة في خامسة ابتدائي برده انهارت، وحكت لأمها إن عامل في المدرسة اعتدى عليها فراحت تاني يوم للمدير تشتكي فالمدير قفل عليها مكتبه وحبسها عشان ماتروحش تشتكي للإدارة التعليمية لحد ما هرّب العامل من المدرسة.
مش بس كده، اكتشفت الأم إن العامل المجرم ده اتحرش بالطفلة من تلات شهور، لكنها ماحكتش للأم خوفا من العقاب واكتفت بإبلاغ معلمتها اللي بلغت مسؤول الأمن اللي بلغ المدير فطلب منه استجواب العامل، فمسؤول الأمن استجوبه واعترف بجريمته، والمسؤول سلم الاستجواب لمدير المدرسة اللي قاله إن أهل البنت طلبوا يقفلوا الموضوع خوفا من الفضيحة، (طبعا بدون ما يبلغهم). واتقفل الموضوع لحد ما العامل المجرم كررها تاني والبنت انهارت في البيت. يعني محدش خد باله من الجريمة أصلا، ولا المعلمة الفاضلة ومسؤول الأمن فكروا يتابعوا الموضوع أو يبلغوا جهة أعلى، رغم اعتراف المجرم المختل في استجواب رسمي بحسب منشور النيابة الإدارية بردو!
طيب النيابة الإدارية قررت إيه؟ توقيع أقصى عقوبة على مدير المدرسة: خصم ستين يوم من راتبه واستبعاده من تولي إدارة أي مدرسة. يعني النيابة الإدارية أثبتت تستره اللي شجع العامل يكرر جريمته مانعرفش مع كام طفلة، وبعدين مايتحاكمش جنائيًا طيب مفيش حتى رفد من الوزارة؟ لا. منظومتنا التعليمية شايفة ده مدير مدرسة وده كبير معلمين وده معلم أول وهكذا..
و بخصوص العامل، اتقدمت شهادة وفاته يومها فانقضى الادعاء التأديبي.
هايفضل السؤال بدون إجابة: إزاي مجتمعنا متصالح مع الجرايم اللي زي دي، لدرجة إن محدش يبلغ النيابة العامة، ولا حد من مكتب النائب العام يتحرك بناء على منشورات وبيانات رسمية من النيابة الإدارية؟
المصادر:
1- جريمة معلم أول أسيوط:
https://www.almasryalyoum.com/news/details/3416233
جريمة معلم بالقاهرة:
https://www.facebook.com/ap.gov.eg/posts/1053917676774285
الجرايم التسعة لكبير معلمي الرياضيات بالقاهرة:
جريمة المدير المتواطئ: