كتابة: سارة نبيل
انتشر فيديو لبنت بتغني بصوت حالم وبريء اسمها ” تالا الشوفي”، من محافظة السويداء بجنوب سوريا، كانت بتغني لوطن يشمل الجميع: ” كانوا لياسمينك حراس، يا بلد لا تخوني أحلامن”، ولكن للأسف الفيديو انتشر بعد ما فقدت تالا حياتها برصاصة خانت حلمها وطفولتها؛ رصاصة في الرأس مباشرة لتغادر الحياة عن عمر 14 عاماً.
السويداء تحولت على مدار الشهر الماضي لساحة حرب طائفية راح على أثرها 1625 إنسان، من بينهم 20 من الكادر الطبي زي “الطبيبة فاتن هلال” اللي تلقت رصاصة في الرأس هي كمان أثناء ذهابها لأداء مهام عملها بالمشفى الوطني بالسويداء.
وكعادة الصراعات المسلحة بتدفع النساء تمن مضاعف؛ مرة كضحية للعنف المسلح، ومرة كضحية بنى اجتماعية تترك النساء بلا حماية.
تم توثيق قتل 56 سيدة و21 طفل من بينهم 19 سيدة و10 أطفال تم تصفيتهم ميدانياً على أثر الاشتباكات، كما تم توثيق اختطاف 82 سيدة بعضهن رجعن بعد صفقات تبادل زي السيدة “ماجدة ريدان”، اللي أدلت بشهادتها بعد رجوعها من الاختطاف مع بنتها وحفيداتها، بعد تصفية زوجها وابنها وزوجته قدامها، بالإضافة للاعتداء عليها بالضرب وتصويرها بصحبة خاطفيها.. في القصة دي هي مش بس خسرت زوجها وابنها، كمان حفيداتها الاتنين خسروا الأب والأم مرة واحدة.
وقائع الاختطاف دي بتخلينا نسلط الضوء من تاني على مدى استخدام أجساد النساء كأداة ضغط سياسية وسط أماكن الصراع لكسر المجتمع من الداخل، خاصة إذا كان مجتمع شديد الانغلاق على نفسه وحساس تجاه قضايا الشرف زي مجتمع السويداء.
دايما بتسيب الحروب والصراعات آثار نفسية وجسدية واقتصادية عميقة على النساء والأطفال، فمع صعوبة الظروف المعيشية في حالات النزوح، بيزيد شعور الفقد المؤلم، مش بس فقد البيت والتهجير القسري، لكن كمان فقد العائلة، الزوج، الأبناء… ليه طفلة في عمر الزهور زي ” حلا الخطيب” تضطر تواجه الفقد بأقسى صوره بعد تصفية جميع أفراد أسرتها بالكامل أمام عينيها بعد اقتحام منزلها، وإصابتها بطلق ناري استقرفي الوجه ليترك لها ندبة مش هاتروح.
ومع حصار المحافظة بشكل كامل ومنع الكهرباء والماء والمواد الغذائية والهجوم على قوافل الهلال الأحمر، كانت المعاناة الكبيرة من نصيب المرضى غير القادرين على تلقي الرعاية الطبية اللازمة، واللي بسببها توفيت السيدة “شهيرة فياض”، المعروفة بأم مارسيل، مريضة السرطان، مش لأن المرض غلبها، إنما لإن الدوا اتمنع عنها.
وفي سياق التضامن مع أحداث السويداء خرجت مجموعة من الشباب والشابات باعتصام سلمي تنديداً بالمجزرة أمام البرلمان السوري، لكن المفارقة كانت هجوم قوات الأمن عليهم. وفي أحد الفيديوهات الموثقة تم الاعتداء على الصحفية “زينة شهلا ” بالضرب والسب، وهي ناشطة نسوية ومعتقلة سابقة. في الفيديو بيقول المعتدي بوضوح: “هات العصا أنا ما أمد يدي على حريم”!
مأساة السويداء طالت جميع الأطراف خاصة بعد ما نتج عنها تهجير قسري لنساء البدو وعائلاتهن من بيوتهن بعد احتداد الاشتباكات، وفيه أنباء عن مقتل سيدة وطفل من أبناء العشائر ووقوع إصابات.
الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل تتطلب التدخل الفوري لإيقافها، فإذا كان من غير المنطقي معاقبة المسلمين السنة بشكل جماعي على انتهاكات داعش الدموية، فلا يجوز بأي شكل من الأشكال معاقبة أكتر من ٦٠٠ ألف إنسان مهما اختلفنا مع قيادتهم الروحية وتوجهاتهم، بينما يعيش منهم ١٧٠ ألف حالياً، نازحين من قراهم وبيوتهم بعد تدميرها وسرقة محتوياتها وإشعال النار بها ومنع سبل الإعاشة عنهم، وخاصة المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال.