نساء بلا أطفال: كشف الأعباء غير المرئية

ويب-سايت-صورة

“أنا ساره، متجوزة ومش عندي ولاد.”
الجملة دي بعرّف نفسي بيها في جلسات الدعم للتعايش مع مشاعر الفقد المصاحبة للحياة بلا إنجاب. الجملة دي بتختصر إزاي الحياة بلا إنجاب مكبلة بأبعاد جندرية واجتماعية أكبر بكتير من تجربتي الفردية.
أنا ونساء كتير زيي كان عندنا دافع قوي للوصول للدعم النفسي المستحق بعد تحديات صعوبة الإنجاب في مجتمعات بتضيف لعبء الفقد أعباء إضافية. المجتمع بيضيف تساؤلات وأثر غائر، زي العزلة، والاستغلال غير المعلن عنه صراحة، والاستبعاد من الأحداث الاجتماعية، والتصالح مع أذى العلاج الهرموني. وأصعب الأعباء دي هي الرقابة الجماعية على أجسادنا وسؤال: “ها، لسه؟”.

Childfree & Childless: قرار أم اختبار؟

ما بين “اللا إنجابية (Childfree)”، وهو قرار طوعي بعدم الإنجاب، و”عدم الإنجاب (Childless)” لأسباب خارجة عن الإرادة، بتعيش نساء كتير وصم مشترك مرتبط بنفس الجذر الفكري؛ الأمومة كمرآة تعريفية للست، والقدرة على الإنجاب كمعيار للأنوثة المكتملة، وكأن الأمومة هي مجرد قدر حتمي لكل النساء وليست خيار شخصي لبعض النساء.
التجول في عالم الإنجاب بمختلف جوانبه بيكشف هشاشة هذه المعايير، لأنه أحيانًا الست بتكون عملت كل المطلوب منها طبيًا وماتنجبش، ومع ذلك بيتم عقابها ووصمها بالنقص.
في المقابل، إذا الست خدت قرار عدم الإنجاب، برضو بتتعرض لوصمة الأنانية أو مخالفة الفطرة، كإنه في كل الأحوال قيمة المرأة مرهونة ومربوطة بالإنجاب.
حتى في الدراما، اللي أخدت قرار طوعي دايمًا بتظهر بمظهر لا يعكس الواقع، ونهاية قصتها دايمًا إنها ندمت وعاشت وحيدة. وفي المقابل، النساء غير المنجبات لأسباب طبية تتصور إن حياتهم حزينة ومحرومة وبائسة.

“الرعاية خارج الأمومة”
المجتمع بيفرض على النساء (خاصة المتزوجات منهن) أدوار رعائية كتيرة، ولكنه بيغفل بصورة مقصودة أو غير مقصودة عن فكرة إن الرعاية مش شرط تكون مقترنة بالأمومة البيولوجية.
سواء كانت الست “Childfree” أو “Childless”، وارد تكون اختارت تمارس دور يتطلب رعاية مع أحد أفراد العيلة، مع الأصدقاء، في بيئة العمل زي التدريس، مع حيوان أليف، أو في أبسط الحالات توظيف الدور ده في تقديم رعاية مجتمعية أو أي دور بديل تحبه.

قرار الإنجاب والأدوار الجندرية
قرار الإنجاب بيعكس الأدوار الجندرية التمييزية المفروضة على النساء، سواء كانت الست “Childfree” أو “Childless”.
ده مش قرار منفرد خاص بالمرأة وحدوده صحتها أو رغبتها في الإنجاب من العدم، لإن بيتداخل فيه عوامل كتير زي ضغوطات الأهل اللي بيتعاملوا مع جسد المرأة كملكية عامة.
كمان هو كاشف إزاي الست بتتحمل كل الضغط لوحدها، وكأن الإنجاب مش قرار مشترك بين زوجين.
بالإضافة للطبقة الاجتماعية اللي بتعقّد الموقف أكتر، خاصة إذا الست من طبقة أقل شوية، لإن الضغط الممارس ضدها بيكون مضاعف، وبتكون مضطرة تثبت بأي تمن صلاحيتها كامرأة من خلال الإنجاب.
في المقابل، ممكن نلاحظ بسهولة إزاي في مجتمعات تانية بتحترم رغبة الست وقرارها، ومجرد طرح سؤال عن هذا الشأن الخاص هو أمر مستبعد.

من يملك الجسد؟
قضية الإنجاب بتشتبك مع الاستقلالية الجسدية، ومع سؤال: “من يملك الجسد؟”
ومع معايير الإلزام المجتمعي اللي بتواجه الستات، بتجبرنا نعترف بالنجاح الأنثوي خارج الحتمية البيولوجية المرهونة بالإنجاب، وكمان بتخلينا نطرح سؤال: “مين صاحب السلطة على أجساد النساء بحيث يقرر معايير الأنوثة المقبولة والمرضي عنها مجتمعياً؟”
وليه الأمومة هي السبيل الوحيد للكمال؟
في النهاية، هل من الممكن احترام خصوصية النساء وتقدير قراراتهن في التصرف في أجسادهن وتجاربهن، عشان نوصل لمرحلة تكون فيها اللاإنجابية بمختلف أشكالها مش حاجة تتوصم الستات بسببها؛ وبالمرة نخفف عنها هذا الكم من الأعباء غير المرئية؟

كتابة: سارة نبيل.