دليل الناجيات 101: كتالوج الضحية المثالية

BARAMAN_WS

في مجتمعاتنا العربية، العنف الأسري ضد النساء بيتغلف بغلاف التربية والتقويم، والملمح المشترك بين كل آليات العنف المسكوت عنه في كل البيوت العربية هو إنه “أسرار بيوت”.

الفترة الأخيرة خرجت علينا “لينا”، وهي بنت أردنية قررت تشارك تجربتها في طفولة ضاعت مع زوجة أب مُعنِفة. لينا حكت لنا عما تعرضت له من تعذيب جسدي ونفسي، لدرجة إنه في أحد الفيديوهات بتقول: “مكنش عندي مشكلة اتضرب بس من غير صوت”.وده عشان أصحابها بيسمعوها وده بيعرضها لتنمر وعذاب من نوع آخر في المدرسة”.

لينا عملت حاجة بطولية قد تبدو بسيطة جداً في نظر البعض، وهي إنها قدرت تحكي.

لينا سردت في سلسلة فيديوهات قصتها مع العنف المنزلي، وسمّت الجناة بأسمائهم/ن بعد رحلة طويلة من العلاج النفسي.

الناجيات بيفضلوا سنين مش قادرين حتى يجيبوا صورة الجناة في خيالهم من الرعب أو الخزي اللي اتزرع فيهم.

وبرغم المواقف المؤلمة والمؤذية اللي حكتها، كان في عدم قبول لشخصية لينا المعنفة كبنت حلوة ورقيقة وشيك وناجحة دراسياً ومهنياً وكمان متجوزة ومتولية زمام الأمور في حياتها .. بمعنى آخر لينا مكنتش منهارة ولا لبسها مهترئ ولا بتحاول تستعطف حد.

ورغم إن عمرها 27 سنة، لكنها بتعاني من توابع تجربتها الصعبة، زي الضغط، وعدم انتظام ضربات القلب، وركّبت جهاز ينظم لها دقات القلب على حد توضيحها، بسبب التعذيب اللي اتعرضت له في بيتها وهي طفلة وبقى مرض مزمن في جسمها.

ورغم ده كله، المجتمع شافها بمنظور غريب جدا:

ـ”إزاي لابسة كده؟”.

ـ”أكيد في حاجة غلط فيها، شكلها مش ضحية”.

لأن لينا مش مطابقة للتصور النمطي للضحية المقبولة اجتماعيًا.

تجربة لينا مش استثناء، هي صورة من وجع كتير من الأطفال/الطفلات اللي كبروا في بيئة عنيفة، لكن بدل ما المجتمع يمد إيده يسندهم، بيطلع الكتالوج:

هل دي ضحية “محترمة”؟ لبسها محتشم والال لا؟ صوتها عالي؟ ألفاظها شوية خارجة؟

ولو الإجابة لأ، يبدأ التشكيك، التلميح، والتشويه.

بنأكد إن الناجيات من العنف ملهمش شكل معين.

الناجيات من العنف مش لازم يكونوا من طبقة اجتماعية معينة.

مش لازم يحسوا الحزن بطريقة أحاديّة، ولا لازم يحكوا بلهجة معينة.

كل الدعم للينا ولكل ضحايا/ ناجيات العنف الأسري.

كتابة: سارة نبيل

تصميم: شروق علي